التغير المناخي: لغز الحرارة المفقودة

بعد مرور 16 عامًا على التباطؤ الغامض للاحترار العالمي، يقوم العلماء بتجميع الحقائق؛ للوصول إلى تفسير.

جيف توليفسون

ربما بدأ أكبر لغز في علم المناخ اليوم في التَّكَوُّن ـ بشكل غير معروف لأي شخص في ذلك الوقت ـ مع ضعف بسيط في الرياح التجارية الاستوائية التي هَبَّت على امتداد المحيط الهادئ في نهاية عام 1997. وهذه الرياح تقوم عادةً بدفع المياه الدافئة مِن أثر حرارة أشعة الشمس نحو إندونيسيا. وعندما تباطأت الرياح؛ تدفقت المياه الدافئة نحو أمريكا الجنوبية؛ متسبِّبةً في الظاهرة المذهلة التي نسميها «النينو» El Niño. ووصل متوسط درجات حرارة الجو إلى ذروته نتيجة ذلك في عام 1998، ثم تباطأت وتيرة الاحترار العالمي بعد ذلك.

لقد اعتبر العلماء هذا التباطؤ ـ ولعدة سنوات ـ بمثابة تَشَوُّش في النظام المناخي، يحدث بسبب تغيرات طبيعية في الغلاف الجوي والمحيطات والمجال الحيوي، تتسبب في موجات ساخنة أو باردة في جميع أرجاء العالم. واستمر هذا الركود في الاحترار العالمي؛ وأشعل فتيل أزمة صغيرة في الثقة في هذا المجال. ورغم وجود قفزات وهبوط في درجات الحرارة، فإن متوسط درجات الحرارة في الغلاف الجوي ارتفع بشكل طفيف فقط منذ عام 1998، وذلك بشكل متعارض مع ما قدمته التنبؤات المناخية الناتجة عن النماذج المناخية، والزيادة المستمرة في انبعاثات الغازات الدفيئة. استثمر المتشككون في تغير المناخ فرصة هذه التوجهات الجديدة في درجات الحرارة كدليل على ادعائهم أن الاحترار العالمي قد توقف، لكن علماء المناخ يعرفون ـ في المقابل ـ أنه من المؤكد أن الحرارة لا زالت تتراكم في موقعٍ ما في النظام المناخي، لكنهم واجهوا صعوبة شديدة في تفسير أين تذهب الحرارة، إذا لم تظهر في الغلاف الجوي. وبدأ البعض يتساءل عما إذا كان هناك خلل في النماذج المناخية، أم لا.

والآن، بينما تدخل مرحلة تباطؤ الاحترار السنة السادسة عشرة، يحقق العلماء أخيرًا بعض التقدم في معرفة حقيقة الحرارة المفقودة. وأشار بعضهم إلى الشمس والبراكين، وحتى التلوث الناجم عن أنشطة الصين كمسبِّبات محتمَلة، لكن الدراسات الحديثة تشير إلى أن المحيطات هي المفتاح الرئيس في تفسير هذا الشذوذ. المتهم الأخير في هذه القضية أصبح هو ظاهرة «النينو» التي حدثت في موسم 1997-1998، والتي أدت إلى ضخ كميات هائلة من الحرارة خارج المحيط نحو الغلاف الجوي، وربما بكميات أدَّت في النهاية إلى دفع المحيط الهادئ الاستوائي إلى حالة مستمرة من البرودة التي تجاوزت مستويات الحرارة العالمية منذ ذلك الوقت.

يقول كيفن ترنبيرث، وهو عالِم مناخ يعمل في المركز الوطني لبحوث الغلاف الجوي في بولدر في ولاية كولورادو: «إن ظاهرة «النينيو» التي استمرت في عامي 1997 و1998 كانت بمثابة القوة الدافعة للتغير الذي حدث في المحيط الهادئ، وأعتقِد أنه من المرجح جدًّا أن تكون هي بداية التباطؤ في الاحترار العالمي». واستنادًا إلى هذه النظرية، من المفترض أن يخرج المحيط الهادئ من حالة البرودة التي يعيشها في السنوات القليلة القادمة، حيث يقول ترنبيرث: «في النهاية، سوف يتخذ المحيط الاتجاه المعاكس».

تناقض واضح

من خلال رسم بياني يوضح معدلات درجات حرارة الغلاف الجوي، يظهر تباطؤ الاحترار بوضوح في حالة من التناقض مع الاحترار السريع في العقدين السابقين لما قبل التباطؤ. وتشير تجارب المحاكاة التي تم القيام بها ـ تمهيدًا لنشرها في التقييم الجديد للهيئة الحكومية لتغير المناخ (IPCC) في 2013-2014 ـ إلى أن الاحترار العالمي كان يجب أن يستمر بمعدل 0.21 درجة مئوية في كل عقد منذ 1998 حتى 2012، لكن البيانات الناتجة عن القياسات المرصودة في الفترة نفسها كانت 0.04 درجة فقط لكل عقد، بناءً على نتائج مكتب الأرصاد البريطاني في إكستر، ووحدة أبحاث المناخ في جامعة إيست أنجليا في نوريش في المملكة المتحدة.

Nate Mantua/NOAA

Nate Mantua/NOAA

التفسير الأبسط لكل من ظاهرتي تباطؤ الاحترار والاختلاف بين نتائج النماذج هو التباين الطبيعي.. تمامًا مثل الانتقال ما بين حالات باردة وساخنة في الطقس اليومي، فإن التباينات الفوضوية في المناخ يمكن أن تؤدي إلى دفع درجات الحرارة العالمية إلى الدرجات الأعلى والأدنى من سنة إلى أخرى، ومن عقد إلى آخر. وتُظْهِر سجلات المناخ السابقة وجود موجات حرارية طويلة الأمد، وكذلك فترات من البرودة، كما تشير نماذج المناخ أن أيًّا من الحالتين يمكن أن تظهر، بينما يزداد العالم حرارة تحت وطأة غازات الدفيئة، لكن أيًّا من تجارب المحاكاة التي أجريت ضمن تقييم الهيئة الحكومية لتغير المناخ لم تنتج هذا النمط من التباطؤ في ذلك الوقت المحدد. أدى ذلك إلى قيام المتشككين ـ وبعض العلماء ـ إلى طرح الاستنتاج المثير للجدل بأنّ النماذج يمكن أن تبالغ في توقع شدة تأثير غازات الدفيئة، وأن الاحترار المستقبلي قد لا يكون بالشدة التي نخشاها. ويعتقد آخرون أن هذا الاستنتاج هو عكس التوجهات العالمية طويلة الأمد في درجات الحرارة، وكذلك عكس بيانات المناخ القديم التي تُستخدَم لجعل سجلات المناخ تمتد إلى فترات طويلة من الماضي. ويحذر الكثير من الباحثين من تقييم دقة النماذج عن طريق مقارنتها بنتائج تغيرات قصيرة الزمن في المناخ، حيث تقول سوزان سولومون، عالمة المناخ في معهد ماساتشوستس للتقنية في كمبريدج: «إذا كنتَ مهتمًّا بتغير المناخ العالمي، فيجب أن يكون تركيزك على فترات تمتد من 50 إلى 100 سنة».

وحتى هؤلاء العلماء الذين ما زالوا يثقون في النماذج المعمول بها، يعترفون بأن هناك المزيد من الضغط الذي يدعو إلى الوصول إلى تفسير حول ما يحدث اليوم، كما يقول جابرييل فيتشي، عالِم المناخ في مختبر ديناميكيات السوائل الجيوفيزيائي، التابع للإدارة الأمريكية للمحيطات والغلاف الجوي في برنستون في ولاية نيوجيرسي: «قبل بضع سنين لاحظنا التباطؤ، وكان من السهل تجاهل ذلك واعتباره جزءًا من التشويش الطبيعي، لكنه الآن أصبح أمرًا ينبغي تفسيره».

قام العلماء بمتابعة عدة دلائل في السنوات الأخيرة، مع التركيز على ثلاثة عناصر، وهي: الشمس1، وجزيئات الهباء في الغلاف الجوي2، والمحيطات3. تميل الطاقة الناتجة عن الشمس إلى الزيادة والنقصان في فترات أو دوائر تستمر لمدة 11 عامًا، لكن الشمس دخلت في فترة طويلة من الخفوت مع بداية القرن الجديد. وتصل دورة السنوات الإحدى عشرة إلى قمتها حاليًا، لكنها حتى الآن مثلت أضعف حد أعلى من الإشعاع الشمسي خلال قرن كامل. وهذا يمكن أن يسهم في تفسير كلٍّ من تباطؤ الحرارة في الغلاف الجوي، والاختلافات في نماذج المحاكاة التي تفترض إشعاعًا شمسيًّا أعلى من الذي تعرضت له الأرض منذ عام 2000.

قد تكون الزيادة غير المتوقعة في عدد جزيئات الهباء في الطبقة العليا في الغلاف الجوي (الستراتوسفير) أيضًا سببًا آخر في جعل الأرض أبرد مما تم توقعه. وهذه الجزيئات تعكس أشعة الشمس رجوعًا إلى الفضاء. ويشك العلماء أيضًا في أن البراكين الصغيرة ـ وحتى أيضا التلوث الصناعي الناتج عن الصين ـ ربما تكون قد ضخت كميات إضافية من الهباء إلى الستراتوسفير خلال الـ16 سنة الماضية؛ مما أسهم في خفض درجات الحرارة العالمية.

يقول بعض العلماء إن هذين العاملين ربما يشكلان الدوافع الأساسية لهذا التباطؤ في الاحترار العالمي، لكن الدراسات التي نشرت في السنوات القليلة الماضية تبين أن التأثيرات المرتبطة بهما قد تكون قليلة4,5. وعلى سبيل المثال.. قام ترنبيرث بتحليل تأثيراتهما على قياسات الأقمار الصناعية لكميات الطاقة التي تدخل وتخرج من الكوكب، وقدَّر أن أشعة الشمس والهباء الجوي يؤثران فقط بنسبة %20 من هذا التباطؤ. وهذا يعني أن أغلبية العوامل المؤدية إلى هذا التباطؤ تتمثل في المحيطات، التي تعمل مثل أسفنجات عملاقة للحرارة، ولهذا.. فإن تسليط الضوء سيكون على المحيط الهادئ الاستوائي.

الهبوب الساخن والبارد

قبل أن تبدأ ظاهرة تباطؤ الاحترار العالمي، أصبحت منطقة المحيط الهادئ الاستوائي دافئة إلى درجة غير طبيعية أثناء حدوث ظاهرة «النينو» في عامي 1997-1998، التي أدت إلى حدوث عديد من الحالات الجوية المتطرفة على امتداد الكوكب، بدءًا من الفيضانات في تشيلي وكاليفورنيا، إلى الجفاف والحرائق في المكسيك وإندونيسيا، لكن هذه المرحلة انتهت بسرعة كما بدأت، وفي نهاية عام 1998 عادت المياه الباردة التي تعكس وجود ظاهرة «لا نينا» La Niña ـ شقيقة النينو ـ إلى المناطق الشرقية في المحيط الهادئ الاستوائي، وبشدة عالية. والأهم من ذلك.. أن كل منطقة المحيط الهادئ الشرقية قد انقلبت إلى حالة من البرودة، استمرت منذ ذلك الوقت حتى الآن.

هذا الاختلاف في درجة حرارة المحيط ـ المعروف باسم «التأرجح العقدِي لحرارة المحيط الهادئ» PDO ـ قد يكون نقطة رئيسة في لغز التباطؤ. وتنعكس الدورة مرة كل 15-30 عامًا، وفي المرحلة الإيجابية منها يقوم التأرجح بدعم حدوث ظاهرة «النينو» التي تقود إلى تسخين الغلاف الجوي (انظر: المحيط المتقلب). وبعد مرور حوالي عقدين من الزمن من إطلاق الحرارة من المناطق الشرقية والوسطى من المحيط الهادئ، تبدأ المنطقة في البرودة، والدخول في المرحلة السلبية من «التأرجح العقدِي لحرارة المحيط الهادئ»، التي تشجع حدوث ظاهرة «لا نينا»، والتي بدورها تنقل المياه الباردة من أعماق المحيط قرب منطقة الاستواء، وتسهم في تبريد الكوكب. قام الباحثون بتحديد أنماط «التأرجح العقدِي لحرارة المحيط الهادئ» في عام 1997، ولكن لم يتمكنوا من فَهْم كيف تتلائم هذه الظاهرة مع الأنماط الأوسع للدوران في المحيطات، وكيف يمكن أن تسهم في فهم ظاهرة التباطؤ، إلا منذ وقت قريب.

حدث اكتشاف مهم في عام 2011، عندما قام فريق من الباحثين في المركز الوطني لبحوث الغلاف الجوي ـ بقيادة جيرارد ميهل ـ بإدخال نمط «التأرجح العقدِي لحرارة المحيط الهادئ» ضمن نماذج المناخ العالمية؛ مما أدى إلى ظهور توقف للاحترار العالمي يستمر لمدة عقد من الزمن3. وتكشف بيانات حرارة المحيطات السبب وراء حالة التباطؤ الحديثة، حيث إنه في دراسة لاحقة أظهر باحثو المركز الوطني لبحوث الغلاف الجوي أن مزيدًا من الحرارة انتقل نحو أعماق المحيط منذ عام 1998؛ وأسهم بدوره في منع الغلاف الجوي من التعرض للمزيد من الاحترار6. وفي ورقة علمية ثالثة، استخدمت المجموعة نماذج حوسبية لتوثيق الجانب الآخر من العملية، التي تتضمن تحول «التأرجح العقدِي لحرارة المحيط الهادئ» إلى المرحلة الإيجابية، حيث يقوم بتسخين سطح المحيط والغلاف الجوي؛ مؤديًا إلى التسبب في عقد من الاحترار السريع7.

وقد تَحقَّق إنجاز مهم في العام الماضي، عن طريق شانج-بينج زي، ويو كوساكا من معهد سكريبز لدراسات المحيطات في لاجولا في ولاية كاليفورنيا، حيث اتخذ الباحثان مسارًا مختلفًا، وذلك عن طريق برمجة نموذج ببيانات حقيقية ومرصودة لدرجات حرارة سطح البحر من العقود الماضية في المنطقة الشرقية من المحيط الهادئ، وبعد ذلك متابعة ما يحدث في بقية مناطق العالم8. لم يتمكن نموذجهما فقط من محاكاة التباطؤ كما حدث في درجات الحرارة العالمية، بل أعاد أيضًا إنتاج بعض التوجهات المناخية الموسمية والإقليمية التي ترافقت مع التباطؤ، ومن بينها حدوث تسخين في عدة مناطق، ووجود فصول شتاء أكثر برودة في الشمال.

يقول جون فايفي، وهو مختص بنماذج المناخ في المعهد الكندي لنمذجة المناخ وتحليله في فيكتوريا: «في واقع الأمر كان الأمر بمثابة إلهام حدث لي عندما قرأت الورقة»، ولكنه يضيف أنها لم تفسر كل شيء، قائلًا: «ما لم تتضمنه الورقة كان السؤال حول الدافع وراء البرودة الاستوائية».

Univ. Washington/IPCC

Univ. Washington/IPCC

تم البحث في هذا السؤال من قِبَل ترنبيرث، وجون فاسولو، وهما أيضًا من المركز الوطني لبحوث الغلاف الجوي، حيث أضافا بيانات الرياح والمحيطات لتفسير كيفية ظهور هذا النمط4. وقد كشفت دراستهما كيف تساعد الرياح التجارية الاستوائية المرتبطة مع ظاهرة «لا نينا» في دفع المياه الدافئة نحو الغرب، وفي نهاية الأمر نحو أعماق المحيط، بينما تسهم في رفع المياه الباردة على امتداد المنطقة الاستوائية الشرقية نحو السطح. وفي الحالات الشديدة ـ مثل حدوث ظاهرة «لا نينا» في عام 1998 ـ يمكن أن يؤدي ذلك إلى نقل المحيط إلى مرحلة من البرودة ضمن «التأرجح العقدِي لحرارة المحيط الهادئ». وقد قام تحليل للبيانات التاريخية بدعم هذا الاستنتاج بإظهار أن المرحلة الباردة من «التأرجح العقدِي لحرارة المحيط الهادئ» تترافق مع بضعة عقود من درجات الحرارة الأكثر برودة بعد الحرب العالمية الثانية (انظر: الامتداد العالمي للمحيط الهادئ)، بالإضافة إلى أن المرحلة الدافئة ترافقت مع الزيادة الحادة في درجات الحرارة العالمية التي حدثت بين عامي 1976، و1988 (المرجع 4).

يقول مارك كين، المتخصص في علم المناخ في جامعة كولومبيا في نيويورك: «أعتقد أن الدليل واضح جدًّا، فالقضية لا تتعلق بجزيئات الهباء، ولا ببخار الماء في طبقة الستراتوسفير، بل بحدوث عقد من درجات الحرارة الأكثر برودة في المنطقة الشرقية من المحيط الهادئ».

جدل ساخن

يُعتبَر كين هو أول مَنْ توقَّع حالة البرودة الحالية في المحيط الهادئ، مع أن تداعيات الأمر لم تكن واضحة في ذلك الوقت. ففي عام 2004 وجد مع زملائه أن نموذجًا إقليميًّا بسيطًا للمناخ تنبأ بحدوث تحوُّل دافئ في المحيط الهادئ، بدءًا من عام 1976، عندما كانت درجات الحرارة العالمية تزداد باضطراد9. وبشكل استدراكي، استنتجوا في نهاية الورقة هذا التنبؤ البسيط: «يتوقع هذا النموذج أن حالة «النينو» في عام 1998 قد أنهت المرحلة الدافئة التي أعقبت عام 1976 في المحيط الهادئ».

إنها نتيجة دقيقة إلى حد مدهش، لكن يبقى عملهم مُعَرَّضًا للكثير من النقاش. وأحد أسباب الاعتراض هو أن الاستنتاج يقوم على نموذج مناخي جزئي يركز على منطقة المحيط الهادئ الاستوائي فحسب. ويصر كاين على أن هذا التوجه خلال القرن الماضي كان نحو درجات الحرارة الأكثر سخونة في المناطق الغربية من المحيط الهادئ، مقارنةً بالشرقية. وهذا يفتح الباب ـ كما يقول ـ لاحتمالية أن التسخين الناجم عن غازات الدفيئة يتسبب في ظروف تشبه حالة «لا نينا»، ويمكن أن يستمر ذلك في المستقبل، مما يسهم في إبطاء وتيرة تغير المناخ، حيث يقول: «إذا كان كل ذلك صحيحًا، فهي حالة من رد الفعل السلبي. وإذا لم نقم بالتقاطها على نماذجنا، فإننا سوف نبالغ في تأثير الاحترار المتوقَّع».

هناك ثغرتان في هذا التقييم. أولًا: أن البيانات التاريخية للمحيطات والحرارة تعتبر غير دقيقة بشكل كبير، مما يدعو عدة باحثين للاعتراض على تأكيد كاين على أن المحيط الهادئ الاستوائي دخل في مرحلة شبيهة بظاهرة «لا نينا» خلال القرن الماضي10. ثانيًا: لاحَظَ عدة باحثين حدوث نمط معاكس من خلال نماذج محاكاة كاملة للمناخ، تتضمن عناصر التداخل بين درجات حرارة المحيط والغلاف الجوي فيما هو أوسع نطاقًا من المحيط الهادئ الاستوائي. تكشف هذه النماذج التوجه نحو حالات تشبه «النينو»، كنتيجة للاحترار العالمي. ويكمن الاختلاف جزئيًّا في كيفية تأثير الاحترار على درجة تبخر الماء في مناطق مختلفة من المحيط الهادئ، حسب ما يقوله ترنبيرث، الذي يؤكد على أن النماذج تشير إلى أن للاحترار العالمي تأثيرًا أكبر على درجات الحرارة في المناطق الشرقية الأكثر برودة، لأن الزيادة في التبخر تضيف المزيد من بخار الماء إلى الغلاف الجوي في المنطقة، ويقوي من التسخين في الغلاف الجوي. هذا التأثير يُعتبَر أضعف شأنًا في المناطق الأكثر سخونة في غرب المحيط الهادئ، حيث يكون الهواء مشبعًا بالفعل بالرطوبة.

ربما يتمكن العلماء من اختبار نظرياتهم قريبًا بشكل كاف. وحاليًا، تقوم الرياح التجارية الاستوائية القوية بدفع المزيد من المياه الدافئة باتجاه الغرب نحو إندونيسيا، مما يؤدي إلى تكوين عواصف، مثل إعصار هايان الذي حدث في شهر نوفمبر 2013، ودفع برفق مستويات سطح البحر في المناطق الغربية من المحيط الهادئ ليجعلها على ارتفاع 20 سم، مقارنةً بسطح البحر في المناطق الشرقية من المحيط الهادئ. وسوف ينقلب النمط عاجلًا أو آجلًا، حيث يقول ترنبيرث: «لا يمكن أنْ يستمر تراكم المياه الدافئة في غرب المحيط الهادئ، لأنه في مرحلةٍ ما سوف يصبح الماء على ارتفاع عالٍ إلى درجة أنه سيتدفق عائدًا إلى الخلف». وعندما يحدث ذلك ـ إذا كان العلماء على المسار الصحيح ـ فإن الحرارة المفقودة سوف تعود للظهور؛ وترتفع درجات الحرارة بشدة من جديد.

References

  1. Lean, J. L. & Rind, D. H. Geophys. Res. Lett. 36, L15708 (2009).
  2. Hansen, J., Sato, M., Kharecha, P. & von Schuckmann, K. Atmos. Chem. Phys. 11, 13421–13449 (2011).
  3. Meehl, G. A., Arblaster, J. M., Fasullo, J. T., Hu, A. & Trenberth, K. E. Nature Clim. Change 1, 360–364 (2011).
  4. Trenberth, K. E. & Fasullo, J. T. Earth’s Future http://dx.doi.org/10.1002/2013EF000165 (2013).
  5. Feulner, G. & Rahmstorf, S. Geophys. Res. Lett. 37, L05707 (2010).
  6. Balmaseda, M. A., Trenberth, K. E. & Källén, E. Geophys. Res. Lett. 40, 1754–1759 (2013).
  7. Meehl, G. A., Hu, A., Arblaster, J. M., Fasullo, J. & Trenberth, K. E. J. Clim. 26, 7298–7310 (2013).
  8. Kosaka, Y. & Xie, S.-P. Nature 501, 403–407 (2013).
  9. Seager, R. et al. in Earth’s Climate: The Ocean-Atmosphere Interaction. Geophys. Monogr. Ser. 147, 105–120 (2004).
  10. DiNezio, P., Clement, A. & Vecchi, G. A. Eos 91, 141–152 (2010).